هيئة التقييس الخليجية تقّر استراتيجيتها الجديدة 2026–2030 لتعزيز التكامل الاقتصادي الخليجي

أقَرّ المجلس الفني لهيئة التقييس لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في اجتماعه الـحادي والستين المنعقد بدولة الكويت استراتيجية هيئة التقييس الخليجية (2026–2030) تمهيداً لاعتمادها من اللجنة الوزارية لشؤون التقييس، والتي تُعد نقطة تحول نوعية في مسيرة التقييس الخليجي، وتمثل خطوة استراتيجية متقدمة نحو تعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء، وتضع تمكين الصناعات الخليجية وتعزيز قدرتها التنافسية في صدارة الأولويات، وفي موقع أقوى على خريطة المنافسة العالمية، عبر مواصفات خليجية ومنظومة مطابقة متكاملة موحدة ترسّخ الثقة بجودة المنتج الخليجي وتوسّع نفاذه إلى الأسواق العالمية.
وفي تصريح له أكد سعادة المهندس نواف بن إبراهيم المانع-رئيس الهيئة- أن الاستراتيجية الجديدة للهيئة تأتي انسجاماً مع رؤية المجلس الأعلى قادة دول مجلس التعاون وتوجّهاته الكريمة في تحقيق التكامل الاقتصادي وتعزيز السوق الخليجية المشتركة، واستجابة لتوجيهات أصحاب المعالي أعضاء اللجنة الوزارية لشؤون التقييس، ومعالي الأمين العام لمجلس التعاون، وأصحاب المعالي والسعادة أعضاء المجلس الفني للهيئة، وتتكامل مع سياسات الأمانة العامة لمجلس التعاون في تعزيز التجارة البينية وتسهيل انسيابية السلع، وكذلك امتداداً لجهود الهيئة في رفع كفاءة الأداء وتعزيز التكامل الاقتصادي، وتمكين الصناعات الوطنية ورفع جودة وسلامة المنتجات، وبما يتوافق مع الممارسات والتوجهات الدولية.
وأكد سعادة رئيس الهيئة أن استراتيجية الهيئة الخمسية القادمة تُرْسِخُ دور الهيئة التكاملي مع أجهزة التقييس الوطنية في إصدار المواصفات القياسية واللوائح الفنية، وتناغمها مع خدمات المطابقة وسلامة المنتجات التي هي من صميم المنظومة الاقتصادية، وتدعم كذلك نفاذية المنتجات الخليجية إلى الأسواق العالمية عبر مواءمة وحوكمة الأطر التنظيمية والفنية، مع تمكين أجهزة التقييس الوطنية وتعزيز تبادل الخبرات بين الدول الأعضاء. كما أكد أن مسارات التنفيذ تسهم في رفع مستوى البنية التحتية للجودة وتواكب متطلبات الاستدامة ورفع التنافسية الصناعية في الدول الأعضاء.
وأوضح سعادته أن استراتيجية الهيئة تمت صياغتها بروح التعاون والطموح لتمثل خطوة نوعية تتجاوز الأطر التقليدية، حيث تتبنى نموذجا تشغيلياً “أكثر فاعلية ومرونة”، وتركّز على تمكين الصناعات عبر مواصفات قياسية ولوائح فنية ومنظومة مقاييس مترولوجية وبرامج مسح أسواق موحدة، تعزز الثقة العالمية بجودة المنتج الخليجي، عبر أدلة وإجراءات محوكمة ومعتمدة لقياس تقدمها بما يرفع الموثوقية، ويدعم الصادرات الوطنية، ويحسن تنافسية المنتجات الخليجية في الأسواق.
مشيراً سعادته أن الخطة الاستراتيجية لهيئة التقييس للأعوام 2026–2030م ترتكز على شراكة تكاملية مع أجهزة التقييس الوطنية لإصدار مواصفات ولوائح متناسقة مرتبطة بخدمات المطابقة وسلامة المنتجات، وتطوير نموذج كفاءة تشغيلي مرن من خلال تحسين العمليات ورفع الفعالية المؤسسية لتحقيق جودة الحياة وسلامة المنتجات للمستهلك لتسريع أثر التقييس على القطاع الصناعي، ورفع تنافسية المنتج الخليجي إقليميًا وعالميًا وتسهّل النفاذ للأسواق، ومن خلال تطوير البنية الرقمية وبرامج بناء القدرات، وتمكين الكفاءات، وتبادل الخبرات بين الدول الأعضاء، وتحقيق التميز والاستدامة المالية لدعم التنفيذ، مع رفع مستوى الوعي المجتمعي والمهني بأهمية التقييس ودوره في تحسين جودة المنتجات والخدمات، وتعزيز السلامة وحماية المستهلك، ودعم تنافسية المنتجات الخليجية.
وقال سعادته أن استراتيجية الهيئة تشمل مجموعة من المبادرات والمشاريع النوعية التي تهدف إلى زيادة الثقة بسلامة وجودة المنتجات وتحسين تجربة المستفيد، ورفع تنافسية الصناعات الخليجية عبر موائمة خدمات المطابقة، وتوسيع نطاق اللوائح الفنية الخليجية والمواصفات القياسية لتشمل قطاعات جديدة ذات أولوية استراتيجية، ومن أبرزها تطوير المنظومة الخليجية لمنتجات الحلال وخدماته، والتي تهدف إلى توحيد المواصفات والضوابط المتعلقة بمنتجات الحلال، بما يضمن جودة المنتجات ويعزز مكانتها في الأسواق الإسلامية والعالمية. وتأتي هذه المنظومة استجابة لتوجيهات الأمانة العامة لمجلس التعاون، وتدعم الصناعات الغذائية والدوائية الخليجية وفقاً لأعلى معايير الجودة والامتثال الشرعي.
مضيفاً أن سلامة المنتج تعد أولوية قصوى بالاستراتيجية لتأسيس التوازن الفعال بين المتطلبات الفنية وخدمات المطابقة، مع رفع كفاءة إجراءات التحقق من المطابقة من خلال شارة المطابقة الخليجية والمصادقة على الشهادات، لضمان أعلى مستويات سلامة المنتجات وصحة المستهلك، وبما يدعم التوجه نحو اقتصاد أخضر مستدام عبر الخدمات التي تقدمها الهيئة في مجال كفاءة الطاقة للمركبات أو ترشيد المياه وبطاقات كفاءة الطاقة للأجهزة الكهربائية وبطاقة كفاءة الإطارات، مما يضمن كفاءة أعلى لاستهلاك الثروات الطبيعية.
وعن الأثر الاقتصادي المتوقع من التنفيذ، أوضح سعادة رئيس الهيئة، أن الاستراتيجية الجديدة للهيئة تهدف إلى خفض تكاليف الامتثال وزيادة الثقة بالمنتجات الخليجية وتقليل مخاطر السحب والاسترجاع من خلال توحيد المتطلبات الفنية وبرامج الاعتراف المتبادل ودعم المختبرات وبرامج مسح الأسواق، وتهدف إلى تحسين كفاءة الطاقة والموارد عبر لوائح فنية قطاعية. كما تمثل أداة حقيقية لتعزيز التجارة البينية ورفع القدرة التنافسية للصناعات الخليجية وتعزيز نفاذيتها للأسواق العالمية ويحفّز الاستثمار الصناعي المحلي والأجنبي في القطاعات ذات الأولوية، بفضل منظومة تقويم مطابقة خليجية أكثر تناغمًا مع الأجهزة الوطنية والجهات الشريكة. ومن المتوقع كذلك أن يدعم التطبيق المتسق للمنظومة الجديدة في تحسين ترتيب الدول الأعضاء في المؤشرات الدولية ذات الصلة بالبنية التحتية للجودة والتنافسية والتجارة عبر الحدود والابتكار، وخلق فرص عمل نوعية في مجالات التقييس وتقويم المطابقة والاختبارات والاعتماد والتحول الرقمي، بما يرسّخ الاستدامة الاقتصادية ويعظّم الأثر التنموي على المدى المتوسط والبعيد.
مشيراً إلى أن اللوائح الفنية الخليجية المعتمدة أثبتت خلال السنوات الماضية أثرها الإيجابي المباشر على الاقتصاد الخليجي وأن التوسع في تطبيق اللوائح الفنية الخليجية سوف يسهم وبشكل كبير في رفع كفاءة الاستهلاك في قطاعات حيوية مثل الأجهزة والمعدات الكهربائية، والسيارات، وغيرها، فعلى سبيل المثال، يسهم تطبيق اللائحة الفنية الخليجية للأجهزة الكهربائية منخفضة الجهد في خفض استهلاك الطاقة الكهربائية في المنشآت والمنازل، مما ينعكس على خفض الضغط على شبكات الطاقة الوطنية، وتقليل فاتورة الاستهلاك، وتحقيق عوائد اقتصادية مستدامة. كما أن بطاقة اقتصاد الوقود للمركبات والإطارات تسهم في تقليل استهلاك الوقود وتحسين أداء المركبات، مما يؤدي إلى خفض الانبعاثات الكربونية وتعزيز الاستدامة البيئية، إلى جانب تقليل التكاليف التشغيلية للمستهلكين والشركات.
وفي إطار دعم الأمن المائي أوضح المانع بأن اللائحة الفنية الخليجية لأدوات ترشيد استهلاك المياه تسهم في رفع كفاءة استخدام المياه في القطاعات السكنية والتجارية، مما يساعد في تقليل الهدر المائي وتحقيق استدامة الموارد الطبيعية، وهو ما يمثل أحد أهداف التنمية البيئية للدول الأعضاء.
مبيناً سعادته أن الاستراتيجية الجديدة للهيئة تتضمن عشرة أهداف استراتيجية تقاس عبر عشرين مؤشر أداء استراتيجي وتُنفّذ من خلال تسعة عشر مبادرة محددة الأثر على السوق والصناعة والمستهلك الخليجي، مع متابعة دورية لتنفيذ ومواءمة المبادرات مع أولويات الدول الأعضاء التي تشمل المساهمة في المشاركة الفاعلة في اللجان الفنية الإقليمية والدولية ذات الصلة بالتقييس، لحماية المصالح المشتركة وتوحيد المواقف الخليجية. وفي الختام، أكد المهندس نواف المانع على دور الهيئة في بناء وتطوير منظومة تقييس خليجية شاملة وبنية تحتية للجودة متكاملة ترتقي بجودة المنتجات والخدمات، وحماية المستهلك، وتُعزز التكامل الاقتصادي والقدرة التنافسية، وتُمكن نفاذ المنتجات الخليجية إلى الأسواق العالمية، بما يحقق الاستدامة الاقتصادية. وتمثل استراتيجيتها الجديدة 2030 رؤية مشتركة نحو بناء اقتصاد خليجي أكثر كفاءة واستدامة، بالتنسيق والتعاون مع الدول الأعضاء، وبشراكة حقيقية مع كل الفاعلين في القطاعين العام والخاص والمنظمات الخليجية والإقليمية والدولية لتحقيق الأهداف المشتركة، بما يسهم في تعزيز مكانة الدول الأعضاء على خارطة الاقتصاد العالمي.